تخطى إلى المحتوى

عراقيل تمنع روسيا والأسد من شن هجـ.وم على إدلب وتصعّب الخيارات أمامها

انقضت خمسة أشهر على إبرام اتفاق وقف إطلاق النـ.ـار في إدلب بين الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” ونظيره الروسي “فلاديمير بوتين” بالخامس من شهر آذار/ مارس الماضي في العاصمة الروسية موسكو، بعد مـ.ـواجهات دامت نحو عام بين الفصائل الثورية وإدلب بدعم تركي من جهة، ونظام الأسد والميليشيات الروسية والإيرانية من جهة أخرى.

وعاد مؤخراً الحديث عن احتمالية بدء عملية عسـ.ـكرية جديدة وذلك بعد أن كثفت روسيا وميليشياتها من القصـ.ـف وعمليات التسلل في ريفَيْ إدلب واللاذقية.

تزامن ذلك مع استقدام تعزيزات لها إلى نقاط التماسّ مع الفصائل جنوب إدلب وغرب حلب.

ويُعتبَر خيار البدء بعملية عسـ.ـكرية من قِبل روسيا وميليشياتها خياراً صعباً، لعدة أسباب وعوامل تشكّلت خلال الأشهر الماضية.

كان لهذه العوامل دور في إرباك الروس وخلط أوراقهم، منها ما هو متعلق بالواقع الميداني، وآخر بالملف السياسي والاقتصادي بل وحتى الطبي.

ستحاول “نداء سوريا” سرد أبرز تلك العوامل في هذا التقرير، وتسليط الضوء على نقاط الضعف لدى القوات الروسية وجيـ.ـش النظام المتهالك، والتي لطالما يُغفل الحديث عنها عند فتح ملف العمليات العسـ.ـكرية واحتمالية تعرُّض إدلب والأرياف المتصلة بها لهجـ.ـوم جديد.

1- الحشد التركي والترتيبات العسـ.كرية لدى الفصائل

يمكن القول إن محافظة إدلب شمال غربي سوريا غدت ترسانة للجيش التركي.

فمنذ مطلع العام الجاري أنشأت تركيا عشرات النقاط العسـ.ـكرية في المحافظة، ودفعت بمئات الدبابـ.ـات والعربات المدرعة، فضلاً عن نشرها منظومات دفاع جوي في قواعدها المتواجدة في المنطقة.

ولعب التدخل التركي في شهر شباط/ فبراير الماضي بالمعـ.ـارك ضد نظام الأسد وميليشياته في إدلب دوراً كبيراً.

خاصة بعد أن أسقط الجيش التركي العديد من الطائرات الحـ.ـربية والمروحية باستخدام الصـ.ـواريخ المضادة للطائرات خلال محاولتها قصـ.ـف المناطق السكنية في إدلب وأريافها.

اقرأ أيضاً: تركيا تتوعـ.د نظام الأسد والمليشيات الإيـ.رانية بالرد على أيّ تصرف في المنطقة

وكان لذلك دور أيضاً في عرقلة تقدُّم قوات النظام بشكل أكبر، ما دفع روسيا للقبول بالتفاوض ثم القبول باتفاق قضى بوقف إطلاق النـ.ـار في إدلب، وتسيير دوريات مشتركة على طريق “M4” داخل المحافظة.

ذلك في حين كان يتوقع سكان المنطقة وصول القوات الروسية إلى معبر “باب الهوى” الحدودي، بل وحتى حدود منطقة عمليات “غصن الزيتون” في ريف حلب الشمالي.

ووفقاً لمركز “جسور” للدراسات فإن الجيش التركي ينتشر في 45 موقعاً داخل محافظة إدلب، وتحديداً في “المسطومة” كقاعدة عسـ.ـكرية، وفي كل من “الصرمان” و”تل الطوقان” و”إشتبرق” وقرية “صلوة” كنقاط مراقبة.

في حين تتوزع نقاط تواجُد القوات التركية على “معرحطاط” و”النيرب” و”سرمين” و”فليون” و”أريحا” و”بالس” و”بشلامون” و”البارة” و”بليون” و”بزابور” و”منطف” و”جوباس” و”آفس” و”تل الشيخ منصور” و”الترنبة” و”مطار تفتناز” و”تل قميناس” ومحيط “معارة النعسان”.

ونقطة بين بلدتَيْ “بنش” و”طعوم”، و”دير سنبل” و”نحلايا” و”البردقلي” و”محمبل” و”تل النبي أيوب” و”باتبو” و”تل صندل” و”رام حمدان” و”حرش بسنقول” وبلدة “شللخ”، و”بداما” و”الناجية” و”الزعينية” و”الغسانية” و”الكفير” و”فريكة” و”بكسريا” و”البرناص” و”جنة القرى”.

وذكر موقع “المونيتور” ومقره الولايات المتحدة في وقت سابق أن جميع الدلائل تشير إلى أن تركيا تواصل ترسيخ وجودها عسـ.ـكرياً في شمال سوريا وتستعد للبقاء لفترة طويلة.

وقال محلل السياسة الخارجية التركي أكدوغان أوزكان إن موسكو مهتمة بشكل خاص بالسيطرة الكاملة على الطريق السريع M4 الإستراتيجي الذي يمتد من اللاذقية على ساحل البحر الأبيض المتوسط إلى الحدود العراقية.

وأواخر شهر تموز/ يوليو الماضي نشر الموقع ذاته تقريراً ذكر فيه أن التطورات على الأرض في إدلب تشير إلى أن الجيش التركي لا يستبعد أي سيناريو ويستعد للرد أيضاً.

وأوضح أن أنقرة تريد قبل أي شيء منع أي عملية مماثلة لتلك التي حدثت في فبراير/ شباط والتي أسفرت عن سقوط طريق “دمشق – حلب”(M5) تحت سيطرة النظام السوري.

ولفت إلى دخول أكثر من 5000 عربة عسـ.ـكرية تركية إلى إدلب منذ 5 آذار/ مارس عندما بدأ سريان وقف إطلاق النـ.ـار الأخير.

فضلاً عن دخول 8.325 مركبة عسـ.ـكرية وأكثر من 11500 جندي منذ شهر شباط/ فبراير الماضي، كما بلغ عدد نقاط التفتيش التركية حول إدلب 66 نقطة، حسب التقرير.

واعتبر أن الحشد العسـ.ـكري التركي يؤكد تصميم أنقرة على الحفاظ على الوضع الراهن في إدلب باستخدام طريق “M4” كحاجز يعوق النظام السوري،

وأشار إلى أن الوجود العسـ.ـكري التركي أصبح أيضاً ورقة المساومة الرئيسية في تسوية سياسية محتملة في سوريا.

ومن جانبه توقع “كيريل سيمونوف” خبير المجلس الروسي للشؤون الدولية أن تغدو نتائج أي عملية عسـ.ـكرية في إدلب غير سارة بالنسبة لنظام الأسد.

خاصة بعد أن أظهرت المعارك السابقة أن ميزان القوى يمكن أن يتغير بشكل جذري في حال شاركت تركيا بدعم “المعارضة”.

واستبعد أن تقبل تركيا “بتسليم المناطق الواقعة جنوبي “M4″ لقوات النظام، لأنها ترغب في استخدامها لضمان تعزيز مواقعها شرقي الفرات في المستقبل، وربما للمساومة مع روسيا بشأن ليبيا”.

ورأى أن التعزيزات العسـ.ـكرية الأخيرة لنظام الأسد وروسيا نحو إدلب “لا يمكن اعتبارها حتى الآن سوى إشارة إلى تركيا لبذل كل ما في وسعها لتنفيذ اتفاق إنشاء منطقة أمنية”.

وشدد على أن أي عملية عسـ.ـكرية غير منسقة مع أنقرة، في التصدي للواقع الجديد في إدلب، من شأنها أن تنطوي على مخاطر أكبر بكثير مما كانت عليه قبل الانتشار العسـ.ـكري التركي في المنطقة.

اقرأ المزيد: خبير روسي يتحدث عن مستقبل التواجد في مناطق جنوب “M4” بريف إدلب

وبالانتقال إلى جاهزية الفصائل، فقد أكد المتحدث باسم “الجبهة الوطنية للتحرير” التابعة للجيش الوطني السوري النقيب “ناجي مصطفى” لـ”نداء سوريا” أن الفصائل عملت خلال الأشهر الماضية على ترتيب صفوفها وإخضاع المقـ.ـاتلين لتدريبات عالية المستوى استعداداً لأي معـ.ـارك قادمة.

وإلى جانب ذلك عززت الفصائل من مواقعها على طول خط التماسّ مع الميليشيات الروسية في ريف إدلب وأنشأت تحصينات جديدة من شأنها عرقلة تقدم الميليشيات.

وذلك وسط حضور لافت لقوات الجيش الوطني السوري القادمة من منطقة شمال حلب، حيث أكدت مصادر عسـ.ـكرية لـ”نداء سوريا” دفع الجيش لتعزيزات إلى جبل الزاوية للمشاركة في الرباط وصد أي هجـ.ـوم محتمل على الجبل.

وخرّجت الجبهة الوطنية للتحرير خلال الأسابيع الماضية مئات المقـ.ـاتلين من المعسـ.ـكرات بعد تلقيهم تدريبات متنوعة.

ونشرت معرّفات الجبهة مؤخراً مقاطع مصورة وصوراً تُظهر التدريبات على مختلف أنواع الأسلـ.ـحة بما فيها الدبابـ.ـات والعربات المدرعة والأسلـ.ـحة المتوسطة.

2- “قيصر” والموقف الأمريكي

شكّل قانون “قيصر” الذي طُبق بشكل رسمي في السابع عشر من شهر حزيران/ يونيو الماضي من قِبل الولايات المتحدة الأمريكية ضد نظام الأسد وحلفائه عامل ضغط على روسيا، كونه يفرض عقـ.ـوبات على شخصيات بارزة في النظام منها بشار الأسد، وفِرَق عسـ.ـكرية في جيشه.

بالتالي فإن العقـ.ـوبات على نظام الأسد وداعميه ستمنع وصول المساعدات المالية والعسـ.ـكرية للنظام، وستفاقم الأزمة الاقتصادية التي يعيشها.

وتؤكد الولايات المتحدة الأمريكية أن “بشار الأسد” أمام خيارين، إما المضي قدماً في حل سياسي للأزمة السورية، أو تحمُّل مزيد من العقـ.ـوبات التي ستشلّه.

ويؤثر قانون “قيصر” بشكل أو بآخر على سير المعـ.ـارك في محافظة إدلب، فمع اشتداد الأزمة الاقتصادية لدى نظام الأسد وتعرض ضباطه وفِرَق جيشه للعقـ.ـوبات، لن يكون من السهل فتح معـ.ركة في إدلب، خاصة لما تحتاج من ملايين الدولارات لتمويلها.

كما أن الموقف الأمريكي الداعم لتركيا في إدلب يشكل عامل ضغط على روسيا.

فخلال الحملات العسـ.ـكرية السابقة أبدى المبعوث الأمريكي الخاص إلى سوريا “جيمس جيفري” استعداد بلاده لتزويد تركيا بالأسلـ.ـحة والذخائر لحماية حدودها مع سوريا وتعزيز موقفها في إدلب.

3- “كورونا”

تفشى فيروس “كورونا” خلال الأسابيع الماضية بشكل كبير في دمشق وريف دمشق وحلب وحماة.

أصيـ.ـب العشرات من عناصر نظام الأسد بالوباء، فيما تـ.ـوفي آخرون بسببه منهم قائد ميليشيا “جيش التحرير الفلسطيني” اللواء “محمد طارق الخضراء”.

في حين غصت المشافي في تلك المناطق بالمـ.رضى ولم يعد بالإمكان استيعاب المزيد.

ويعتبر “كورونا” عاملَ قلقٍ كبيرٍ لروسيا داخل الأراضي السورية، فمع بدء انتشاره في مناطق سيطرة نظام الأسد أعطت القيادة الروسية تعليمات بفرض إجراءات احترازية داخل قاعدة “حميميم” العسـ.ـكرية بريف اللاذقية، ومنع مخالطة السكان أو عناصر النظام في المنطقة.

ويرتبط تأثير فيروس “كورونا” على أي عملية عسـ.ـكرية لنظام الأسد وروسيا في إدلب بأمرين.

أولهما تخوف الجنود الروس من مخالطة عناصر النظام والميليشيات الإيرانية خلال المعـ.ـارك.

والثاني عجز المشافي التابعة للنظام عن استقبال مئات القتـ.ـلى والجـ.رحى المتوقع سقوطهم في المعـ.ـارك المستقبلية كونها مليئة بمصـ.ـابي “كورونا”.

وأكدت مصادر خاصة لـ”نداء سوريا” أن أكثر من 65 عنصراً في النظام أُصيـ.ـبوا بالفيروس على جبهات إدلب.

ما دفع النظام لقتـ.ـل عدد منهم خوفاً من نقل العدوى لبقية النقاط العسـ.ـكرية والعناصر.

وأشارت إلى أن عدداً من الضباط الروس والضباط العاملين في نظام الأسد يشرفون على رمي جثـ.ـث العناصر بعد قتـ.ـلهم في آبار للمياه ثم إضرام النيـ.ران بها.

خلاصة:

مع استحضار العوامل السابقة يمكن القول إن روسيا لن تجازف في بدء هجـ.وم واسع في محافظة إدلب.

وقد استبعد الباحث السوري “محمد سالم” خلال حديثه لـ”نداء سوريا” قيام الروس بحملة اجتياح واسعة على إدلب كالتي شنتها قبل اتفاق موسكو لعدة أسباب،

أهمها حاجة الروس للتفاهم مع الأتراك في الشأنين الليبي والسوري، وجدية الأتراك في المضي بالدوريات المشتركة وتنفيذ الالتزامات مع موسكو.

وإلى جانب ذلك يوضح “سالم” أنه من غير المستبعد الاستمرار في محاولات الاقتحـ.ـام والاستنـ.زاف في إدلب أو حتى رفع عـ.دوانيتها ودرجتها من خلال دعمها بالطيران الروسي بهدف دفع الأتراك لتقديم التنازلات في الملفين السوري والليبي،كمنع حكومة الوفاق الليبية من التوجه نحو مدينة “سرت”، أو تحذير الأتراك مع المضي في التنسيق مع الأمريكان في موضوع قانون “قيصر” أو في ملفات شرق الفرات.

وأردف بأن انتشار “كورونا” في مناطق سيطرة النظام عامل مساعد لمنعه من شن هجـ.ـمات واسعة، لكنه ليس عاملاً أساسياً، على العكس.

فأسلوب النظام دائماً للتخلص من الأزمات الهروب إلى الأمام وفتح المعـ.ـارك لاستحضار الصيغة التي لا يملك غيرها في خطابه البائس: نحن “نحرر” المناطق من “الإرهـ.ـابيين” ولا صوت يعلو فوق صوت المعـ.ركة.

المصدر: موقع نداء سوريا