تخطى إلى المحتوى

بين رفض الواقع وأُمنيات العودة! المنطقة الآمنة وموقف السوريين منها

تقترب “المنطقة الأمنة” في الشمال السوري من أن تصبح واقعاً حقيقياً وملموساً، بعد أن بقيت مجرد اقتراحات ومادة للنقاش والتجاذبات السياسية في السنوات الست الماضيات بين مختلف القوى المتدخلة في القضية السورية.

ومع رغبة السوريين المهجرين داخلياً وخارجياً بالعودة إلى بلادهم أو مدنهم أو قراهم، إلا أن الواقع الحالي المتخم بالفـ.وضى والمستقبل الغامـ.ض والأوضاع المتغيرة على الأرض لا يزال يثير مخـ.اوف قسم كبير منهم، وخاصة أولئك المقيمين في دول أخرى مجاورة، إذا بات بعضهم يفضل البقاء حيث هو على العودة.

وفي بداية قصة “التغريبة السورية”، كان العـ.ائق الأكبر لعودة السوريين هو بقاء نظام الأسد على سدة الحكم واستمراره في سياسة القمـ.ع والتنكيل بالسوريين، وتشكل مناطق “التسويات” خير مثال على عدم تغيير نظام الأسد لعقليته الأمنية القمـ.عية التي يتخذها ضد شعبه.

إقرأ أيضاً: سوريون مزيفون في الجزر اليونانية للحصول على اللجوء الإنساني في أوربا

ذلك الواقع أدركته الدول المضيفة للاجئين السوريين وفي مقدمتها تركيا، ولذلك كانت تطالب خلال سنوات طويلة بإنشاء منطقة آمنة لا مكان للأسد فيها، تتيح عودة آمنة للاجئين السوريين في أراضيها وفي دول اللجوء عموماً.

ولقد بقي الطموح التركي مجرد محاولات ومناشدات حتى تشرين الأول أكتوبر من العام 2019، وذلك بعد إطلاق عملية “نبع السلام” العسكرية في شمال شرق سوريا، ففي هذه العملية العسكرية بدأت ملامح المنطقة الآمنة بالظهور.

وبالرغم من أن المنطقة الآمنة التي تم الاتفاق عليها مؤخراً لم تتم وفقاً للمخطط التركي – من حيث المساحة والامتداد – إلا أنها تعد مقبولة إلى حد ما، ويمكن إسكان أكثر من مليون لاجئ فيها إذا توافرت الظروف المواتية، فهي تمتد على مساحة أكثر من مئة كيلومتر وبعمق 30 كيلومتر على طول المساحة بين مدينتي رأس العين شمالي الحسكة وتل أبيض شمالي الرقة.

أين الأمان؟

وتلك “المنطقة الآمنة” في شمال شرق سوريا تعد بالنسبة للكثيرين الطموح الكبير في إنهاء مأسـ.اة اللجوء في دول الجوار، لكن الكثير منهم ينظر إليها في ظروفها الراهنة على أنها بعيدة كل البعد عن الأمن، الأمر الذي يقلل من فرص قبولهم بالعودة في حال كانت “طوعية” لمن يعيش منهم في تركيا.

إذ تحتضن تركيا ما يقارب 3.6 مليون لاجئ سوري، وقد صرحت أكثر من مرة بأنها ترغب في أن تعيد إلى المنطقة الآمنة ما يقارب مليون لاجئ، وقد طالبت الاتحاد الأوروبي بدعم تلك المنطقة، وهـ.دد الرئيس التركي بفتح أبواب اللجوء إلى أوروبا إن لم يتم دعم تركيا في ملف اللاجئين.

واقع مغاير

وللأسف، فقد شهدت “المنطقة الآمنة” عدة تفجـ.يرات منذ سيطرة “الجيش الوطني السوري” والجيش التركي عليها، الأمر الذي أودى بعشرات الضـ.حايا المدنيين، ومثل هذا الحال ينطبق أيضاً على باقي مناطق الشمال السوري من جرابلس إلى عفرين، والتي تشهد بين الحين والآخر تفـ.جيرات أيضاً.

ومن خلال متابعة التعليقات على مواقع التواصل الاجتماعي غداة أي تفـ.جير يحصل، فإن الشريحة الأكبر من السوريين في الخارج باتت تنظر إلى المنطقة الآمنة بعدم الارتياح، وتطالب أولاً بضبط الأمن لكي تكون العودة متاحة، فبدون ضبط الأمن لن يكون هناك أي شيء يشجع لتلك العودة.

مدونة هادي العبد الله