تخطى إلى المحتوى

روسيا تسعى لتنفيذ انقلابها ضد نظام الأسد دون الحاجة لأي جنرال

لوحظ خلال الأشهر القليلة الماضية، التركيز الروسي المتزايد على إذلال رأس النظام “بشار الأسد” من خلال صوره المسربة في لقاءاته مع الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين”.

إضافةً إلى كشف الغطاء عن تواطؤ نظام الأسد مع إسرائيل في تسليم رفات الجندي الإسرائيلي، عدا التفاهمات الدولية والإقليمية بين روسيا وإسرائيل من جهة، وبين الولايات المتحدة وروسيا من جهة أخرى، والتي أنتجت القصف الجوي الإسرائيلي المستمر ضد المواقع العسكرية الإيرانية، وتفعيل العقوبات الاقتصادية الأمريكية ضد إيران ونظام الأسد.

اقرأ أيضاً: علي مملوك بديلاً لبشار الأسد ضمن الحل الروسي في سوريا!

الأمر الذي أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية في مناطق نفوذ النظام وأتاح لروسيا الإسراع بعملية انقلاب داخل نظام الأسد، وفق ما تقتضيه المصالح الروسية والإسرائيلية، علاوةً على المصالح الأمريكية، وذلك بإعادة هيكلة بقايا جيش الأسد، وبتغيير موازين القوى أمنياً، والبت بملف الصراع مع إسرائيل بما يضمن مصالح الأخيرة وأمن حدودها.

ومن هذا المنطلق، تناقش الورقة الاستراتيجية العسكرية لروسيا وملامح تحولاتها الراهنة، وتأثيراتها المتوقعة في مسار انقلابها الجاري على “بشار الأسد” ونظامه، والمعلومات تشير إلى الاقتراب من استبداله بنظام آخر يشبهه استبداداً وعبثاً بالقضايا الوطنية وبرعايةٍ دولية.

يذكر أنه بدايةً كانت قد اتخذت روسيا من قاعدتها الجوية في “حميميم” مركزاً رئيسياً لإدارة مستقبل البلاد، وتحديد مساراته السياسية، بعد استفرادها الدولي والإقليمي والمحلي في سوريا، إثر الأزمة الدولية المتعلقة بالملف النووي الإيراني وتداعياته الأخيرة التي تعصف بشريكتها في سفك الدم السوري.

حيث تعاونت روسيا مع إسرائيل في استهداف مراكز القوة الإيرانية الضاربة في سوريا، وبضرب الميليشيات المحلية والتخلص من كبار ضباط الأسد والموالين لإيران، وفق خطوات تحمل في ظاهرها الضرب على أيدي العصاة، وفي باطنها احتلال سوريا، بما يضمن استثمار مصالحها بهدوء.

لذلك بدأت روسيا مشروع الانقلاب على “بشار الأسد” من الإطاحة بـ “أيمن جابر” صهر عائلة الأسد، والأكثر نفوذاً وسلطةً في سوريا، والمؤسس والداعم لميليشيات “مغاوير البحر” و”صقور الصحراء”، وصادروا أملاكه وفككوا ميليشياته مبررين ذلك باتهامه التعاون مع “جعفر شاليش” في استهداف قاعدة “حميميم” العسكرية الروسية ليلة رأس السنة في العام 2018 وبتواطؤٍ مع الإيرانيين.

وتلا ذلك تفكيك ميليشيا “جمعية البستان” في ريف القنيطرة، وهي إحدى أهم مليشيات الشبيحة في القنيطرة التي تلقى العشرات من عناصرها تدريبات خارجية في إيران، وتخضع بشكل مباشر لسيطرة ميليشيا “حزب الله” اللبناني في القنيطرة، وأتى حلها لرفضها الانصياع لأوامر روسيا المتعلقة بإبعاد المليشيات الإيرانية، عن الحدود الإسرائيلية.

وفي سياقٍ متصل، شكلت روسيا بشكل تدريجي قوات كبيرة في سوريا عمادها “الفيلق الخامس اقتحام”، وصنعت شخصيات عسكرية مثل العميد “سهيل الحسن” لتعبئة طاقات العلويين من جديد، وقد لعب “الحسن” دوراً كبيراً في تطويع العدد الأكبر من العلويين في الميليشيات التابعة لروسيا، والهيمنة الروسية التامة على جهاز الأمن العسكري وفروعه في المحافظات السورية.

الجدير بالذكر أن روسيا لم تسعَ في تدخلها بالحرب السورية لتثبيت حكم “بشار الأسد”، حيث كان وما زال هدفها هو استعادة مكانتها كقطب دولي إلى جانب الولايات المتحدة، لذلك فهي ليست على استعداد لمعاداة الولايات المتحدة وأوربا لأجل بقاء “بشار الأسد” في السلطة.

اقرأ أيضاً: تسريبات روسية تتحدث عن انقلاب محتمل من “بشار الأسد”

ولذلك تدرك روسيا صعوبة بيع “بشار الأسد” بتاريخه الإجرامي في سوق النخاسة السياسية، ما وسع فجوة عدم الثقة بين روسيا والمحور الإيراني الذي شحن “بشار الأسد” في وقتٍ سابق إلى طهران برفقة الجنرال “قاسم سليماني”، وما تلا ذلك من اجتماع رؤساء أركان الأسد وإيران والعراق في دمشق، كردة فعل انتقامية على الحليف الروسي الذي يملك أوراق ضغط داخلية وإقليمية ودولية.

حيث لا تحتاج روسيا ممن يريدون الانقلاب على نظام الأسد في الوقت الحالي أن يكونوا أمثال جنرالات الانقلابات في مصر والسودان والجزائر، فيكفي لروسيا أن تترك “بشار الأسد” ومؤيديه يتراقصون في طوابير طويلة على أنغام الممانعة في شوارع دمشق حتى الانهيار الذي بات وشيكاً، بفعل العقوبات الاقتصادية الأخيرة التي أنهكته عن بكرة أبيه.

مدونة هادي العبد الله

الوسوم: